فعلتها أمريكا، بعد خمس سنوات من المنع التعسفي للباحث الإسلامي السويسري المصري الأصل طارق رمضان من الدخول للأراضي الأمريكية أقرت محكمة الاستئناف الفيدرالية الأمريكية بنيويورك قبل أسبوعين إلغاء قرار قضائي سابق صادر عن محكمة ابتدائية يقضي بمنع حق الفيزا لرمضان. تعود الحكاية إلى عام 2004 حين كان البروفيسور رمضان يتهيأ للتدريس في جامعة نوتردام الأمريكية وأخبر قبل أن يتقلد منصبه الجديد بمنع حق الفيزا عنه وتأكيد هذا المنع لاحقا عام 2006 بأمر قضائي من محمكة ابتدائية حين اتخذت الحكومة الأمريكية ذريعة تورط رمضان في التبرع إلى منظمة خيرية مقرها سويسرا يشتبه في تورطها بتمويل حماس.
قرار محكمة الاستناف الفيدرالية الأمريكية الأخير بإجماع ثلاثة قضاة القاضي بإلغاء قرار المنع السابق صرح بأن الحكومة الأمريكية كانت ملزمة بمواجهة رمضان بتلك الادعاءات حينها وتوفير فرصة كافية له للتوضيح بالدليل القاطع على عدم علمه بأن الجهة المنتفعة من تبرعه كانت منظمة إرهابية ـــ في عرف التشريع الأمريكي طبعا. أعادت محكمة الاستئناف القضية إلى المحكمة الابتدائية للتأكد من أن رمضان لم يعط قط أي فرصة لنفي تلك الادعاءات، وفي حال تأكد ذلك أضاف القرار القضائي، يتوجب قيام جلسة وطلب فيزا جديدة حاليا بعد أن تم إعلام رمضان بنوعية الادعاءات الموجهة له ليتمكن من تفنيدها. كما ترون إذن لم يعط رمضان حقه في تبرير أو نفي تورطه في ادعادات تمويل الإرهاب أمام أي جهة حكومية أمريكية سوى تصريحه لوكالات الإعلام الأمريكية حينها وتأكيده بشجبه التام لشتى أشكال الإرهاب طيلة حياته وقوله بعدم علمه بأن تبرعه لتلك المنظمة الخيرية يذهب إلى حماس أو غيرها ظانا أن تبرعاته تستخدم فقط في أعمال إنسانية.
ولكن كيف تأتى لإدارة بوش السابقة بضرب القوانين الأمريكية بعرض الجدار؟ حسنا لم يتم فعل ذلك مباشرة وإنما تم الالتفاف حولها فقط. استخدمت الإدارة السابقة حجة تمويل الإرهاب لقطع الطريق على رمضان الخطيب المفوه وخريج أعرق جامعات أوروبا لمنعه من التدريس في أمريكا مستخدمة القانون الجديد الذي اقترحته الإدارة الأمريكية السابقة بعد الأحداث الإرهابية في الحادي من سبمتبر 2001 الذي سمي اختصارا «بالفعل أو العمل الوطني» ويدعى تفصيله
«بقانون توحيد وتقوية أمريكا عن طريق توفير وسائل توقف وتعترض الأعمال الإرهابية الناتجة عام 2001» والذي شرعه الكونغرس بأغلبية جمهورية وديموقراطية في أكتوبر 2001 أي تماما بعد الأحداث الإرهابية بشهر واحد فقط رغم تعارضه جملة وتفصيلا مع الحقوق المدنية الأمريكية التي يكفلها الدستور . يعطي هذا القانون الجديد صلاحيات واسعة لعدة جهات حكومية للتنصت على التليفونات والإيميلات وشتى وسائل الاتصال والوثائق المالية وحتى الطبية للأفراد كما يعطي صلاحيات أوسع لخزانة المال الأمريكية لمراقبة وتنظيم المعاملات المالية خصوصا تلك التي تتعلق بأفراد ومؤسسات أجنبية وصلاحيات أخرى لسنا بمجمل الخوض فيها الآن.
لن أخوض الآن في نقاش سياسي حول تصنيف حماس كجهة إرهابية من عدمه وتغاضي أمريكا عن المال الذي يضخ لتمويل المستوطنات الإسرائيلية إحدى أهم العقبات في الطريق لسلام شامل في المنطقة. أؤمن بأن أهم نقطة محورية في قضية رمضان لا تتعلق بموقفه أو تعامله المزعوم مع جهات إرهابية بل مع شخصه المجرد كخطيب بارع وأكاديمي عريق يعي تماما طريقة التفكير الغربية عن العرب والمسلمين ليس من منحي ديني فحسب بل وسياسي أيضا. السيناريو المحكم لمنع دخول رمضان للأراضي الأمريكية لتبرعه بين عامي 1998 و2002 أي على مدى أربعة أعوام بمبلغ لايتجاوز الألف ومئتي دولار فقط يثير الشكوك فعلا. لا أستطيع أن أمنع عقلي من البحث والتفكير بالسبب الحقيقي في منعه من دخول أمريكا عام 2004 وهو الذي قبل ذلك وحتى بعد تشريع النظام الفاشي الجديد إياه لم يواجه أي مشكلة من الدخول والخروج إلى أمريكا كيفما شاء ولا ننسى أنه يحمل الجنسية السويسرية. أعود فأتذكر بأن تاريخ دخول القوات الأمريكية للعراق كان في العام 2003 هل كانت هذه مصادفة بحتة؟ لا أعتقد ذلك. لم تعتسف إدارة بوش الأنظمة الأمريكية عبثا بل طيعتها لتخدمها حتى للبروباغندا أي لمنع ظهور أية آراء مخالفة لسياساتها في تلك الفترة وهي التي كانت تستغل أيما استغلال الشعور الطبيعي بالخوف والرهبة عند الشعب الأمريكي بعد أحداث سبتمبر الإرهابية.
من المطمئن أن المجتمع المدني الأمريكي لم يقف صامتا وقتها حيث رفعت أربعة منظمات أمريكية برئاسة اتحاد الحريات الأمريكية المدنية دعوى قضائية منذ ذلك الوقت مدافعين عن حق رمضان في التواصل المباشر مع الشعب الأمريكي من على الأراضي الأمريكية كحق تكفله قائمة الحريات المدنية الأمريكية كما أسلفت. أسر لي الصديق لاري سيمس مدير قسم حرية الرأي بمنظمة القلم الأمريكية، إحدى المنظمات الأربع التي ساندت رمضان قضائيا، أن هناك مايربو على 200 كاتب باحثين وناشطين من مختلف أنحاء العالم منعوا لأسباب ايدلوجية محضة من الدخول للولايات المتحدة الأمريكية بعد هجمات 2001 الإرهابية. يأمل سيمس ونأمل معه أيضا بأن تتحرك إدارة أوباما لوقف هذا التعسف والقمع الفكري الذي منع الشعب الأمريكي طيلة السنوات الثمانية الماضية من سماع وجهات نظر عالمية تعارض سياسات أمريكا. من حق الشعب الأمريكي أن يسمع مايقوله العالم عنه دون وسيط.
ebtihalus@gmail.com
قرار محكمة الاستناف الفيدرالية الأمريكية الأخير بإجماع ثلاثة قضاة القاضي بإلغاء قرار المنع السابق صرح بأن الحكومة الأمريكية كانت ملزمة بمواجهة رمضان بتلك الادعاءات حينها وتوفير فرصة كافية له للتوضيح بالدليل القاطع على عدم علمه بأن الجهة المنتفعة من تبرعه كانت منظمة إرهابية ـــ في عرف التشريع الأمريكي طبعا. أعادت محكمة الاستئناف القضية إلى المحكمة الابتدائية للتأكد من أن رمضان لم يعط قط أي فرصة لنفي تلك الادعاءات، وفي حال تأكد ذلك أضاف القرار القضائي، يتوجب قيام جلسة وطلب فيزا جديدة حاليا بعد أن تم إعلام رمضان بنوعية الادعاءات الموجهة له ليتمكن من تفنيدها. كما ترون إذن لم يعط رمضان حقه في تبرير أو نفي تورطه في ادعادات تمويل الإرهاب أمام أي جهة حكومية أمريكية سوى تصريحه لوكالات الإعلام الأمريكية حينها وتأكيده بشجبه التام لشتى أشكال الإرهاب طيلة حياته وقوله بعدم علمه بأن تبرعه لتلك المنظمة الخيرية يذهب إلى حماس أو غيرها ظانا أن تبرعاته تستخدم فقط في أعمال إنسانية.
ولكن كيف تأتى لإدارة بوش السابقة بضرب القوانين الأمريكية بعرض الجدار؟ حسنا لم يتم فعل ذلك مباشرة وإنما تم الالتفاف حولها فقط. استخدمت الإدارة السابقة حجة تمويل الإرهاب لقطع الطريق على رمضان الخطيب المفوه وخريج أعرق جامعات أوروبا لمنعه من التدريس في أمريكا مستخدمة القانون الجديد الذي اقترحته الإدارة الأمريكية السابقة بعد الأحداث الإرهابية في الحادي من سبمتبر 2001 الذي سمي اختصارا «بالفعل أو العمل الوطني» ويدعى تفصيله
«بقانون توحيد وتقوية أمريكا عن طريق توفير وسائل توقف وتعترض الأعمال الإرهابية الناتجة عام 2001» والذي شرعه الكونغرس بأغلبية جمهورية وديموقراطية في أكتوبر 2001 أي تماما بعد الأحداث الإرهابية بشهر واحد فقط رغم تعارضه جملة وتفصيلا مع الحقوق المدنية الأمريكية التي يكفلها الدستور . يعطي هذا القانون الجديد صلاحيات واسعة لعدة جهات حكومية للتنصت على التليفونات والإيميلات وشتى وسائل الاتصال والوثائق المالية وحتى الطبية للأفراد كما يعطي صلاحيات أوسع لخزانة المال الأمريكية لمراقبة وتنظيم المعاملات المالية خصوصا تلك التي تتعلق بأفراد ومؤسسات أجنبية وصلاحيات أخرى لسنا بمجمل الخوض فيها الآن.
لن أخوض الآن في نقاش سياسي حول تصنيف حماس كجهة إرهابية من عدمه وتغاضي أمريكا عن المال الذي يضخ لتمويل المستوطنات الإسرائيلية إحدى أهم العقبات في الطريق لسلام شامل في المنطقة. أؤمن بأن أهم نقطة محورية في قضية رمضان لا تتعلق بموقفه أو تعامله المزعوم مع جهات إرهابية بل مع شخصه المجرد كخطيب بارع وأكاديمي عريق يعي تماما طريقة التفكير الغربية عن العرب والمسلمين ليس من منحي ديني فحسب بل وسياسي أيضا. السيناريو المحكم لمنع دخول رمضان للأراضي الأمريكية لتبرعه بين عامي 1998 و2002 أي على مدى أربعة أعوام بمبلغ لايتجاوز الألف ومئتي دولار فقط يثير الشكوك فعلا. لا أستطيع أن أمنع عقلي من البحث والتفكير بالسبب الحقيقي في منعه من دخول أمريكا عام 2004 وهو الذي قبل ذلك وحتى بعد تشريع النظام الفاشي الجديد إياه لم يواجه أي مشكلة من الدخول والخروج إلى أمريكا كيفما شاء ولا ننسى أنه يحمل الجنسية السويسرية. أعود فأتذكر بأن تاريخ دخول القوات الأمريكية للعراق كان في العام 2003 هل كانت هذه مصادفة بحتة؟ لا أعتقد ذلك. لم تعتسف إدارة بوش الأنظمة الأمريكية عبثا بل طيعتها لتخدمها حتى للبروباغندا أي لمنع ظهور أية آراء مخالفة لسياساتها في تلك الفترة وهي التي كانت تستغل أيما استغلال الشعور الطبيعي بالخوف والرهبة عند الشعب الأمريكي بعد أحداث سبتمبر الإرهابية.
من المطمئن أن المجتمع المدني الأمريكي لم يقف صامتا وقتها حيث رفعت أربعة منظمات أمريكية برئاسة اتحاد الحريات الأمريكية المدنية دعوى قضائية منذ ذلك الوقت مدافعين عن حق رمضان في التواصل المباشر مع الشعب الأمريكي من على الأراضي الأمريكية كحق تكفله قائمة الحريات المدنية الأمريكية كما أسلفت. أسر لي الصديق لاري سيمس مدير قسم حرية الرأي بمنظمة القلم الأمريكية، إحدى المنظمات الأربع التي ساندت رمضان قضائيا، أن هناك مايربو على 200 كاتب باحثين وناشطين من مختلف أنحاء العالم منعوا لأسباب ايدلوجية محضة من الدخول للولايات المتحدة الأمريكية بعد هجمات 2001 الإرهابية. يأمل سيمس ونأمل معه أيضا بأن تتحرك إدارة أوباما لوقف هذا التعسف والقمع الفكري الذي منع الشعب الأمريكي طيلة السنوات الثمانية الماضية من سماع وجهات نظر عالمية تعارض سياسات أمريكا. من حق الشعب الأمريكي أن يسمع مايقوله العالم عنه دون وسيط.
ebtihalus@gmail.com